الحسن و القبح بين مقصد القرآن و مقصد المتكلمين)المعتزلة و األشاعرة(

Transcription

1 الحسن و القبح بين مقصد القرآن و مقصد المتكلمين)المعتزلة و األشاعرة( أ. لطيفة بن سعيد كلية أصول الدين قسم العقيدة ومقارنة األديان جامعة األمري عبد القادر للعلوم اإلسالمية قسنطينة ملخص المقال: يف ورقة البحث هذه سأحاول اإلجابة عن التساؤل القرآن و مقصد املتكلمني عرفت بداية الذي طرحته حول و القبح يف القرآن الكرمي من خالل استقصاء اآليات اليت ورد فيها هذا احل سن و الق بح بني مقصد مبصطلحات احلسن و القبح و املقصد مث عرضت مسالة احلسن املوضوع يف جماالته املختلفة ما تعلق منها باهلل تعاىل و أفعاله و ما تركز حول أفعال املكلفني أقوال و أعمال و أخالق و آداب حث فيها على احلسن و هنى عن القبيح منها عند املتكلني اليت حبثوها يف دراستهم و الغاية املتوخاة من األمر و النهي مث ثنيت بعرض مسائله هلذا املوضوع و املنحى الذي سار فيه هؤالء لتحقيق مقصدهم ألختم البحث خبالصة جتيب عن التساؤل املطروح يف مقدمة هذا املقال. The Summary The present study aims at shedding light on how the notions of beauty and ugliness are actually used in the Holy Koran, and how they are interpreted by mutakallimūn. First, the key terms of beauty, ugliness and intention are defined. Then, the two concepts under consideration (i.e. beauty and ugliness) are presented through a minutiuous of the Koranic verses where they are mentioned. They are discussed in relation to Allah the Almighty and his actions, to people s deeds, to words, works, morals and ethics God urges to be nice and forbids to be ugly. Also, reference is made to the purposes lying behind such commandment and proscription. Furthermore, consistency with previous research is dealt with. As a conclusion at this article an answer to the problematic at the outset of this research work is provided.

2 مقدمة : تعد الدراسات املقاصدية ذات أمهية بالغة يف البحث العقدي ملا هلا من دور كبري يف العقدية و توجيهها صوب تلك الغايات تصديق باجلنان و عمل باألركان. ترسيخ القيم ملباشرهتا عمليا و تفعيلها يف سلوك اإلنسان باعتبار اإلميان هو و احلسن و القبح من القيم املعيارية اهلامة اليت تصنع سلوك اإلنسان و ت ق و م على أسس منها أفعاله باعتبار دورها الرتبوي الكبري يف صياغة نوعية ذلك السلوك و توجيه تلك سلبيا كما أهنا حتدد نوعية اجملتمع الذي حتكمه األفعال توجيها إجيابيا أو باعتبارها تشكل ثقافته و تصنع شبكة عالقاته و حتدد مساره و أهدافه و هو ما يفسر لنا االهتمام الذي حضيته هاتني القيمتني سواء يف القرآن الكرمي من حيث مصدره الرباين من معينه هداية كتاب وباعتباره تستخلص تلك القيم أم اهتمام العلماء و الدارسني و خاصة املتكلمني و األصولني الذين تكاد مل ختل كتب واحد منهم من دراسة موضوع احلسن و القبح أو التحسني و التقبيح باعتباراته املختلفة. لكن الذي بدا يل من استقصاء اآليات اليت ورد فيها هذا املوضوع و قراءيت للطرح الذي طرح به املتكلمون ذلك األخري أن هنا مفارقة مقاصدية يف اجملالني و هو ما ول د لدي تساؤال حول مقصد كل من القرآن و املتكلمني يف موضوع احلسن و القبح أو بعابرة أخرى احلسن و القبح بني مقصد القرآن و مقصد املتكلمني مصدر تلك الرؤية باعتبار أن فهل اليت عاجلوها املوضوع جزئيات هي من صميم العقيدة و كان القرآن هو كان مقصدهم من تلك الدراسة هو ذاته مقصد القرآن الكرمي أم أهنم حنوا منحى آخر فكانت غايتهم غاية أخرى ولدهتا دراستهم املبنية على أساس من ذلك املصدر الرباين و ما مدى تأثري ذلك التوجه على الثمرات العلمية و العملية و السلوكية للفرد و اجملتمع على حد سواء. أوال : التعريف بالمصطلحات / التعريف اللغوي: تعريف الحسن: احل س ن بالضم: اجل مال وكل مبهج م ر غ وب ف يه )ج( حم اس ن على غري ق ي اس احلسن ضد القبح و نقيضه و حس نت الشيء: زينته و أحسن الش ي ء أ ج اد صنعه و حسن الش ي ء جعله حسنا و زينه ورقاه و أحسن ح ال ته و األحسن: األفضل. ابن منظور لسان العرب مادة)ح س ن( ص 877 حممد بن يعقوب الفريوزآبادي القاموس احمليط تح: مكتب حتقيق الرتاث يف مؤسسة الرسالة بريوت: مؤسسة الرسالة ج ص 89 إبراهيم مصطفى و آخرون املعجم الوسيط ]دب[ دار الدعوة ج.7

3 أ و اإل ح سان : ض د اإل ساء ة و احلسىن ضد السوءى واحل س ن ة ضد الس يئ ة من ق ول أ و فعل و احلسنة : و النع م ة و الصدقة. و احلسنة مسة يف اجللد حتس ن منظره. تعريف القبح: ال قب ح ضد احل سن و يكون يف الق و ل و ال ف ع ل و الص ور ة قال األزهري هو نقيض احلسن عام يف كل شيء و القبيح ه و م ا نفر م ن ه الذ و ق السوي و م ا كره الش ر ع اقرتافه و م ا أ ب اه ال عرف ال ع ام. املقابح: م ا ب يستقبح من األ خ ال ق و يس ت ع مل مجعا للقبح على غري ق ي اس تعريف المقصد: قال ابن جين: أصل )ق ص د( و مواقعها يف كالم العرب االعتزام و الت وج ه و النهود و النهوض حنو الشيء على اعتدال كان ذلك أو جور هذا أصله يف احلقيقة و إن كان قد خي ص يف بعض املواضع بقصد االستقامة دون امليل. يقال قصد الط ر يق قصدا استقام و له و إ ل ي ه توجه إ ل ي ه ع ام د ا و ي ق ال ه و على ال ق ص د وع لى قصد الس ب يل إ ذا ك ان راشدا. ال م ق صد م وض ع ال ق ص د. و ي ق ال إ ل ي ه مقصدي وجهيت و منه وأق ص د الس ه م : أصاب ف ق ت ل م كان ه. / التعريف االصطالحي: أ تعريف الحسن و القبح: وردت عدة تعريفات للحسن و القبيح من حيث االصطالح يعرفه القاضي عبد الجبار ب: احلسن»هو فعل العامل مبا يفعل املمي ز بينه و بني غريه الذي ليس له ملجأ و له فعله و هو ماكان لفاعله أن يفعله و ال يستحق عليه ذما«. و أما القبيح: ف»هو ما إذا فعله القادر عليه استحق الذم على بعض الوجوه«أما الباقالني من األشاعرة فيعرفه ب : «احلسن هو ما أمرنا ]اهلل[ مبدح فاعله و تعظيمه و حسن الثناء عليه و العدول عن ذمه و انتقاصه.و القبيح هو مما أمرنا اهلل تعاىل بذم فاعله و انتقاصه و سوء 7 الثناء عليه به«وهو تعريف إمام احلرمني اجلويين أيضا نفسه ابن منظور املرجع السابق مادة )ق ب ح( ص 0908 الفريوزآبادي املرجع السابق ص إبراهيم مصطفى و آخرون املرجع السابق ج ص 70. ابن منظور املرجع السابق مادة ق ص د ص. ابن منظور املرجع السابق ص الفريوزآبادي املرجع السابق ص 0 إبراهيم مصطفى و آخرون املرجع السابق ج ص 78. القاضي عبد اجلبار شرح األصول اخلمسة ط تح: عبد الكرمي عثمان مكتبة وهبة ه 99 م ص. القاضي عبد اجلبار املصدر السابق ص. و»و قوله بعض الوجوه احرتازا من الصغرية فإهنا قبيحة و مع ذلك فإنه ال يستحق الذم عليها«. 7 حممد بن الطيب الباقالين التقريب و اإلرشاد الصغري ط تح: عبد احلميد بن علي أبو زنيد ]دب[ مؤسسة الرسالة 8 ه 998 م ج ص 80.

4 و يعرفه الرازي ب: «تعريف اإلجيي احلسن ما ال يكون منهيا عنه شرعا. و القبيح هو املنهي عنه شرعا.«و هو و يربط الغزالي بني املستحسن و احملبوب و بني القبيح و املكروه و من مث فهو يرى أن» املستحسن احملبوب هو ما تعلق به الرضا و احملبة و األمر و ال يتعلقكل منها بالقبيح املكروه» و أما الشريف الجرجاني فقد عرف احلسن ب: «هو عبارة عما اتصف باحلسن ملعىن يف ذاته أو يف غريه«و هو أيضا «الشيء متعلق املدح كالعبادات. أما اآلجل«. هو كون الشيء مالئما للطبع كالفرح و كون الشيء صفة كمال كالعلم و كون «القبيح: فهو ما يكون متعلق الذم يف العاجل والعقاب يف أما التهانوي فقد ركز يف تعريف احلسن و القبيح على على ثالت معاين أساسية هي:»األول: كون الشيء مالئما للطبع و ضده القبح مبعىن كونه منافرا له. فما كان مالئما للطبع حسن كاحللو و ما كان منافرا له قبح كاملر و ما ليس شيئا منهما فليس حبسن وال قبيح كأفعال اهلل تعاىل...الثاني: كون الشيء صفة كمال و ضد ه القبح و هو كونه صفة نقصان...الثالث: كون الشيء متعلق املدح و ضده القبح مبعىن كونه متعلق الذم فما تعلق به املدح يسمى حسنا و ما تعلق به الذم يسمى قبيحا و ما ال يتعلق به شيء منهما فهو خارج عنهما و هذا يشمل أفعال اهلل تعاىل أيضا«. و باجلملة فإن هذه التعريفات ركزت على الفعل من حيث اتصافه بصفات ذاتية تقتضي وصفه باحلسن أو بالقبح و هو تعريف القاضي عبد اجلبار و اجلرجاين أو على تعلق احلسن و القبح باألمر و النهي فما أمر به الشارع كان حسناو ما هنى عنه كان قبيحا و النقطة الثالثة هي تعلقهما باملدح و الذم فاحلسن هو ما تعلق به املدح و القبيح ما تعلق به الذم. و قد علق التهانوي على هذه التعريفات يف مجلتها بقوله: «و باجلملة فمرجع اجلميع إىل أمر واحد و هو أن القبيح ما تعلق به الذم و احلسن ليس كذلك أو ما تعلق به املدح فتدبر و ال تكن مم ن أبو املعايل اجلويين كتاب اإلرشاد إىل قواطع األدلة و أصول االعتقاد تح: حممد يوسف موسى و علي عبد املنعم عبد احلميد مصر: مكتبة اخلاجني 9 ه 90 م ص 8. فخر الدين الرازي احملصول يف علم األصول ]دط[ تح:: طه جابر العلواين ] دب[ مؤسسة الرسالة ج ص م ص 90. عضد الدين اإلجيي املواقف يف علم الكالم ]دط[ بريوت: عامل الكتب ]د م ن[ ص. أبو حامد الغزايل االقتصاد يف االعتقاد ط تح: إنصاف رمضان بريوت/لبنان: دار قتيبة ه.7 علي اجلرجاين كتاب التعريفات ط تح: مجاعة من العلماء بريوت دار الكتب العلمية 0 ه 98 م ص 7. حممد علي التهانوي موسوعةكشاف اصطالحات الفنون ط تح: علي دحدوح لبنان: مكتبة لبنان ناشرون 99 ج ص

5 يتوهم من اختالف العبارات اختالف املعربات من أن املعاين للحسن يقصد هبا مالئما للطبع و صفة الكمال و تعلق املدح أو الذم. و القبيح أزيد من الثالثة«و بتعريف المقصد: مل حيظ مصطلح املقصد أو املقاصد عند العلماء القدامى بوضع حد له مباشر بل ورد التعبري عنه مبصطلحات أخرى تدل عليه منها : / المصلحة: فهذا اإلمام الغزايل يعرف املقاصد باملصلحة يف قوله:»فهي عبارة عن جلب منفعة و دفع مضرة. و لسنا نعين به ذلك فإن جلب املنفعة و دفع املضرة مقاصد اخللق و صالح اخللق يف حتصيل مقاصدهم. لكننا نعين باملصلحة : احملافظة على مقصود الشرع.و مقصود الشرع من اخللق مخسة: و هو أن حيفظ عليهم دينهم و نفسهم و عقلهم و نسلهم و ماهلم«/ المعاني و الحكم تعريف و هو ابن عاشور:»هي املعاين و احلكم امللحوظة للشارع يف مجيع أحوال التشريع أو معظمها حبيث ال ختتص مالحظتها يف نوع خاص من أحكام الشريعة فيدخل يف هذا أوصافها و غايتها العامة و املعاين اليت ال خيلوا التشريع عن مالحظتها و يدخل يف هذا أيضا معان من احلكم ليست ملحوظة يف سائر أنواع االحكام و لكنها ملحوظة يف أنواعكثرية منها«النفس / /و كذلك هي األعمال و التصرفات:» هي األعمال و التصرفات املقصودة لذاهتا و اليت تسعى إىل حتصيلها مبساع شىت أو حتمل على السعي إليها امتثاال«. وهي عند عالل الفاسي الغاية و األسرار:» 7 وضعها الشارع عندكل حكم من أحكامها«. املراد مبقاصد الشريعة: الغاية منها واألسرار اليت / و عرفها الريسوني بأنها: «الغايات اليت وضعت الشريعة ألجل حتقيقها 8 ملصلحة العباد«إن الذي نالحظه من هذه التعريفات أن معىن املقصد اصطالحا ال خيرج عن معناه اللغوي إذ هو الغايات و احلكم و التصرفات اليت يريد الشارع توجيه النظر حنوها يف تشريعه لألحكام واليت تتحقق من خالهلا مصاحلهم و منافعهم العاجلة و اآلجلة. ثانيا: الحسن و القبيح في القرآن الكريم: حممد علي التهانوي املرجع السابق ج ص 7. أنظر: التهانوي املرجع نفسه ج ص. حممد سعد بن أمحد اليويب مقاضد الشريعة اإلسالمية و صلتها باألدلة الشرعية ط السعودية دار اهلجرة 8 ه 998 م ص و ما بعدها. الغزايل املستصفى يف علم أصول الفقه تح: محزة بن زهري حافظ املدينة املنورة شركة املدينة املنورة ]دت[ ج ص 88. حممد الطاهر بن عاشور مقاصد الشريعة ]دط[ تونس" الشركة التونسية للتوزيع 978 ص. ابن عاشور املرجع نفسه ص. 7 عالل الفاسي مقاصد الش ريعة و مكارمها ط [ دب[ دار الغرب اإلسالمي 99 ص 7. 8 أمحد الريسوين نظرية املقاصد عند اإلمام الشاطيب ط األردن املعهد العاملي للفكر اإلسالمي ه 99 م ص 9.

6 إن الناظر يف القرآن الكرمي لتقصي موضوع احلسن و القبح جيد فيه ثراء ملحوظا خاصة يف مادة احلسن حيث يربو استعمال هذه اللفظة فيه عن مائتني و مخسة )0( مرة تتوزع على موضوعات خمتلفة منها ما تعلق بأفعال اهلل و منها ما تعلق بأفعال املكلفني أو تعلق جبمال اخللق عموما بينما لفظة القبح أو القبيح مل ترد يف القرآن باللفظ ذاته إال يف موضع واحد له عالقة باجلزاء األخروي يف حني ورد ما يدل على القبح بألفاظ أخرى مثل السيء و الش ر حيث أن الش ر هو السوء و السيء يف اللغة يعين القبيح. أما أفعال اهلل عز وجل فهي موصوفة كلها باحلسن مصداق قوله تعاىل: ال ذ ي أ ح س ن ك ل ش ي ء خ ل ق ه السجدة 7 فهو أحسن اخلالقني على اإلطالق أ ح س ن اخل ال ق ني الصافات أحسن و املصورين و ص و ر ك م ف أ ح س ن ص و ر ك م التغابن و أحسن اجملزين و جي ز ي ه م أ ج ر ه م ب أ ح س ن ال ذ ي ك ان وا ي ع م ل ون الزمر القصص حن ن ن ق ص و نزل لعباده أحسن الكتب ع ل ي ك أ ح س ن ال ق ص ص يوسف الل ه ن ز ل أ ح س ن احل د يث الزمر و إحسانه أكمل إحسان فيها أحسن و أمنوذجه و أ ح س ن ك م ا أ ح س ن الل ه إ ل ي ك القصص 77 و حكمه أحسن حكم على اإلطالق و م ن أ ح س ن م ن الل ه ح ك م ا املائدة 0 و دينه أحسن األديان ظاهر حسنه كما تظهر الصبغة على املصبوغ ص ب غ ة الل ه و م ن أ ح س ن م ن الل ه ص ب غ ة البقرة 8 فأفعاله تعالى كلها توصف بالكمال و احلسن و هو يستحق الثناء و املدح عليها لقوله صلى اهلل عليه و سلم:»أهل الثناء و اجملد«و يف رواية»له الفضل و النعمة و له الثناء احلسن«. منها أما ما تعلق أو باألخالق و اآلداب. بأفعال المكلفين / الحسن في األقوال : فنجد الوصف باحلسن أو القبح إما متعلق بالقول أو بالعمل أما ما تعلق بالقول ففيه تكليف من اهلل بالقول احلسن و هذا التكليف ال يتعلق بالعبادات بل جله يتعلق باملعامالت بني الناس سواء كان يف الدعوة إىل اهلل كقوله: اد ع إ ىل س ب يل ر ب ك ب احل ك م ة و ال م و ع ظ ة احل س ن ة و ج اد هل م ب ال يت ه ي أ ح س ن النحل أو يف جمادلة املشركني و إقامة احلجة عليهم و ال جت اد ل وا أ ه ل ال ك ت اب إ ال ب ال يت ه ي أ ح س ن العنكبوت أو يف سياق ترسيخ آداب و أخالق تبادل الكالم بني الناس كقوله تعاىل مثال: و ق ول وا ل لن اس ح س نا و ق ل ل ع ب اد ي ي ق ول وا ال يت ه ي أ ح س ن ال ذ ي ن ي س ت م ع ون ال ق و ل ف ي ت ب ع ون أ ح س ن ه و يف هذه النماذج جند دعوة القرآن إىل احلسن و األحسن من األقوال دعوة عامة ال تتقيد بأمر خاص أو عبادة خاصة بل تشمل األقوال مجيعا اليت يتبادهلا الناس فيما بينهم لسان العرب مادة )س وء( ص 8 صحيح مسلم ك: الصالة باب اعتدال أركان الصالة و ختفيفها يف متام ح رقم: 9 ج ص. صحيح مسلم ك: املساجد باب: استحباب الذكر بعد الصالة و بيان صفته ح ر: 9 ج ص.

7 و يف هذا التوجه تربية على أمنوذج مثايل من األقوال اليت جيب أن ترقى باجملتمع اإلنساين أو لنقل بالعالقات اإلنسانية إىل مصاف اإلنسانية الراقية اليت يريدها اهلل لعباده و لذلك هو يريد أن تتصف أقواهلم باحلسن و اجلمال الذي يدخل السرور و السعادة على القلوب يقول ابن عاشور يف اآلية و ق ول وا ل لن اس ح س نا :» و جعل االحسان لسائر الناس بالقول ألنه القدر الذي ميكن معاملة مجيع الناس به و ذلك أن أصل القول أن يكون عن اعتقاد فهم إذا قالوا للناس حسنا أضمروا هلم اخلري و ذلك أصل حسن املعاملة مع اخللق«و يعضد هذا املعىن و يؤكد عليه ق ول اهلل عز وج ل: و ق ل ل ع ب اد ي ي ق ول وا ال يت ه ي أ ح س ن حيث مجع يف هذه اآلية بني األمر الذي يفيد الوجوب و بني قوله عبادي الذي فيه رفعة و تشريف للمخاط ب و بني املأمور به الذي هو الق ول احلسن فكأنه يريد أن من انتسب إىل صاحب األمساء احلسىن و الص فات العلي ا بالعبودي ة فعلي ه أن يتص ف بص فاته و يرتق ي إىل عليائ ه ف ال يق ول إال حس نا و ليتجن ب فاحش الكالم و السيئ من القول ألنه يتناىف مع وصف العبودية هلل عز و جل و هذا األمر يعم م عل ى كل قول و خاصة عندما يتعلق األمر بدعوة أهل الكتاب أو سواهم من غري املؤمنني إىل اهلل عز وجل يقول الرازي معقبا على اآلية:»و هو أال يكون ذكر احلجة خملوطا بالشتم و السب و نظري هذه اآلية اد ع إ ىل س ب يل ر ب ك ب احل ك م ة و ال م و ع ظ ة احل س ن ة و ج اد هل م ب ال يت ه ي أ ح س ن النحل و قول ه: و ال جت اد ل وا أ ه ل ال ك ت اب إ ال ب ال يت ه ي أ ح س ن العنكبوت و ذلك ألن ذكر احلجة لو خالطه شيء من السب و الشتم لقابلوكم مبثلهكما قال تعاىل: و ال ت س ب وا ال ذ ين ي د ع ون م ن د ون الل ه ف ي س ب وا الل ه ع د و ا ب غ ري ع ل م و ي زداد الغضب و تتكامل النف رة و ميتنع املقص ود. أما إذا وقع االقتصار على ذكر احلجة ب الطريق األحس ن اخل ايل م ن الش تم و اإلي ذاء أث ر يف القل ب ت أثريا ش ديدا فه ذا ه و امل راد م ن قول ه )و ق ل لعبادي يقولوا اليت هي أحسن(«ألن اهلل ال يريد إكراه أحد على اإلميان به فهو مستغن عنهم بل يريد من املقبلني عليه أن يقبلوا بقلوهبم و عقوهلم و وجداهنم أن يقبلوا عليه بكليتهم ألنه يري د أن يك رمهم و ينفعهم و يرفعهم و هذا يتناىف حتققه باإلكراه و السب و الشتم. و يلخص لنا ابن باديس رمحه اهلل ميزة اللسان بأنه فيه تتلخص حكمة اهلل يف خلق البشر و تع ارفهم و معاشرهم لبعضهم البعض و تكاتفهم يف أداء مهمهم ووظائفهم يف هذا الوج ود ج اء ب ذلك يف عب ارة م وجزة و بليغ ة ت دلنا عل ى قيم ة ال دعوة إىل الق ول احلس ن يف الق رآن الك رمي و أن الغاي ة من ه ه ي ص ناعة اإلنس ان املتخلق و أن تلك األخالق و ذلك الكمال ال ي درك إال م ن خالل أفعال الن اس و أق واهلم خاصة يق ول فيها أن «اللسان أداة البيان و ترمجان القلب و الوجدان. و الكالم به يتع ارف الناس و يتقاربون و به يتحاجون و يتفاضلون و لواله ملا ظهرت مثرات العقول و املدارك و ملا تالحقت األفكار ابن عاشور التحرير و التنوير ]دط[ تونس الدار التونسية للنشر 98 م ج 8. فخر الدين الرازي التفسري الكبريأو مفاتيح الغيب ط بريوت دار إحياء الرتاث العريب 0 ه ج 0 ص 9. 7

8 و املشاعر و ملا تزاي دت العل وم و املع ارف و مل ا تر ق ى اإلنس ان يف درج ات أن واع الكم االت و مل ا امت از على بقية احليوانات. فهو رابطة أف راد الن وع اإلنساين و عشائره و أممه. و بريد عقله و واسطة تفامهه. فا ا حسن قويت روابط اإللفة و متكنت أسباب احملبة و امتد رواق السالم بني األف راد و العشائر و األمم. و تقاربت العقول و القلوب بالتفاهم و تشابكت األيدي يف التع اون و الت رزر. و يع ين الع امل م ن وراء«و يزيد هذا التوجه من القرآن توكيدا على ض رورة مقابلة الناس بالقول احلسن يف ال دعوة و املعاملة و اخلصومة قوله تعاىل للنيب صلى اهلل عليه و سلم: ف ب م ا ر مح ة م ن الل ه ل نت هل م و ل و ك نت ف ظ ا غ ل يظ ال ق ل ب ال نف ض وا م ن ح و ل ك آل عمران 9 و مل ا كان ت الغلظ ة و القس وة تقتض ي النف رة فك ذلك الكلم ة الس يئة البذيئ ة تقتض ي النف رة و تول د البغضاء بني املتخاصمني و جتعل يف القلب ش رخا يعسر مل ه لذلك يبغضها اهلل جلت حكمته و خيرب عنها يف حمكم تنزيله ال حي ب الل ه اجل ه ر ب الس و ء م ن ال ق و ل إ ال م ن ظ ل م و ك ان الل ه مس يع ا ع ل يم ا النساء 8 حىت ينبه إىل خطره و» حيث املؤمنني على األحب لديه و األفضل و هو العفو عند املق درة ألن ه أدخل يف الكرم و اخلضوع و العبودية هلل كما أن له بابا يف اخلري وسيطا«كما قال صاحب الكشاف. إذن فالغلظة تقتضي النفرة و هذه األخرية جتعل من منافذ اإلدراك موصدة دون نور املعرفة بينما اهلل يريد من التكاليف أن جتد عقوال واعية و قلوبا متذوقة حلسنها حىت تف تح هلا العق ول و هتش هلا األنفس و هو ما تثمره احلكمة و املوعظة احلسنة و هو مقصد احلق تب ارك و تع اىل م ن ال دعوة إىل الق ول احلس ن املتكرر يف القرآن الكرمي. اآلداب العامة و األخالق: أ/اآلداب العامة: و تتعدد املواضع اليت ميكننا استجالء مقصد احلسن يف الق رآن ففي موض وع آخر و هو التحية حيث يق ول اهلل تب ارك و تع اىل: و إ ذ ا ح ي ي ت م ف ح ي واب ب أ ب ب ت ح ي ة حس ن م ب ه ا أ و ر د وه ا إ ن الل ه ك ان ع ل ى ك ل ش ي ء ح س يب ا النساء 8 ملاكان اجتماع الناس للعيش بعضهم مع بعض ض رورة إنسانية ك ان ال ب د م ن إنش اء عالق ات اجتماعي ة متش ابكة تتوث ق هب ا رواب ط االجتم اع االنس اين و تيس ر هب ا عجلة احلياة لذلك جعل أحد أهم وسائل هذا التعايش و التشابك و التوادد ه و التحي ة و ال رد بأحس ن منها إذ قيمتها تكم ن يف أهنا حتم ل أول مؤش ر إجي ايب لبداي ة أي ة عالق ة جي دة ب ني املتع ارفني فه ي متهي د عبد احلميد ابن باديس: جمالس التذكري ط مجع: حممد الصاحل رمضان و توفيق حممد شاهني تعليق: أمحد مشس الدين بريوت: دار الكتب العلمية ه 00 م ص 0. حممود بن عمرو الزخمشري الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل ط بريوت: دار الكتاب العريب 07 ه ج 8 8

9 للسالم و بداية للتع ارف و مفت اح لألنس و احلب و اخلري و توثيق للصلة بني أف راد اجملتمع و ذلك مصداقا لقوله صلى اهلل عليه و سلم «ال ت دخلون اجلنة حىت تؤمن وا وال تؤمن وا حىت حت ابوا أوال أدلكم على شيء إذا فعلتموه حتاببتم أفشوا السالم بينكم«. و يف حديث آخر»سئل النيب صلى اهلل عليه و سلم أي اإلسالم خري قال: تطعم الطعام و تقرأ السالم على من عرفت و من مل تع رف«يق ول ابن عريب:» فإهناكلمة إذا صدرت أخلصت القلوب الواعية هلا عن النفرة إىل اإلقبال عليها«و ب ذلك يتب ني مقص د ال دعوة إىل التحي ة بأحس ن م ا تك ون مل ا يف ذل ك م ن إحاط ة العالق ات س م ها مبيس م االجتماعي ة بك ل م ا م ن ش أنه أن يق وي دعائمه ا و يوث ق ص الهتا و ي زين نس يجها و ي العالقات اإلنسانية الراقية. ب/ األخالق: و من أهم األمثلة على مقصد احلسن يف القرآن الكرمي دعوته إىل األخالق احلسنة و ملا كانت األخالق ترتبط بالس لوك االنس اين وج ودا و ع دما إذ ال ميك ن تص ور وجوده ا مبع زل ع ن أفع ال اإلنسان فكل ما ذكر فعل من أفعال اإلنسان و حث فيه القرآن على اإلحسان فهو مرافق للحث على األخالق احلسنة كم ا تق دم يف اآلي ات الس ابقة يف الق ول و التحي ة و الل ني و ع دم الغلظ ة يف املعامل ة و النهي عن اجلهر بالسوء و اجملادلة و الدعوة إىل اهلل و دفع السيئة باليت هي أحسن...و كثري من اآليات األخر اليت تربط احلسن باألخالق يف سلوك اإلنسان.اخل لكنين يف هذه النقطة أريد اإلشارة إىل آية عامة أخاهلا تلخص لنا مقصد القرآن يف احلث على األخالق احلسنة و هي قوله: إ ن الل ه ي أ م ر ب ال ع د ل و اإل ح س ان و إ يت اء ذ ي ال ق ر ب و ي ن ه ى ع ن ال ف ح ش اء و ال م نك ر و ال ب غ ي ي ع ظ ك م ل ع ل ك م ت ذ ك ر ون فع ن ق ت اد ة رضي اهلل عنه قال:»ل ي س م ن خ ل ق ح س ن ك ان يف اجل اه ل ي ة ي ع م ل و ي س ت ح ب إ ال أ م ر الل ه ت ع اىل ب ه يف ه ذ ه اآل ي ة و ل ي س م ن خلق سيء إ ال ن ه ى الل ه ع ن ه يف ه ذ ه اآل ي ة.«ذلك أنه جاء فيها»باملبادئ اليت تكفل متاسك اجلماعة واجلماعات واطمئنان األفراد واألمم و الشعوب والثقة باملعامالت والوعود و العهود: جاء»ب ال ع د ل «الذي يكفل لكل فرد ولكل مجاعة ولكل قوم قاعدة ثابتة للتعامل ال متيل مع اهلوى وال تتأثر بالود والبغض وال تتبدل جماراة للصهر والنسب والغىن و الفقر والقوة والضعف. إمنا متضي يف طريقها تكيل مبكيال واحد للجميع وتزن مبيزان واحد للجميع.وإىل جوار العدل..»اإل ح سان «..يلطف من حد ة العدل الصارم اجلازم ويدع الباب سيد قطب يف ظالل القرآن ط 7 بريوت/القاهرة دار الشروق 9 ه ج ص.7 7 صحيح مسلمكتاب اإلميان باب بيان أنه ال يدخل اجلنة إال املؤمنون وأن حمبة املؤمنني من اإلميان وأن إفشاء السالم سبب حلصوهلا 7 ج ص صحيح البخاري كتاب االستئذان باب السالم للمعرفة وغري املعرفة ج ص 0. أبو بكر بن العريب عارضة األحوذي شرح صحيح الرتمذي ]دط[ بريوت: دار الكتب العلمية ج 0 ص. طه عبد الرمحن سؤال األخالق ط املغرب املركز الثقايف العريب 000. ص

10 مفتوحا ملن يريد أن يتسامح يف بعض حقه إيثارا لود مبا فوق العدل الواجب عليه ليداوي جرحا أو يكسب فضال.«القلوب وشفاء لغل الصدور. وملن يريد أن ينهض هكذا بدا أن للحسن من خالل هذه اآليات مقصدا خاصا يهدف إىل تزكية الفرد و تزكية اجملتمع من خالل تأهيل الفرد بكل املؤهالت و املبادئ اليت متكنه من احلياة داخل اجلماعة تلك احلياة اليت ال تطيب و ال تعرف االستقرار إال يف ظل املباديء السامية اليت أقرهتا الشريعة السمحة و اليت من أمهها مبدأ التحسني و التقبيح. العمل: هو اجملال الثالث بسلوك اإلنسان العملي أي بكل ما ميارسه من عمل الذي تعلق به الوصف باحلسن و القبح يف القرآن من حيث تعلقه و نشاط حركته التعمريية يف هذه احلياة إذ ابتلى اهلل هبا عباده ليخترب قدرهتم على اجناز أحسن و أفضل ما ميكن أن يأتوا من أعماهلم و من مجلة اآليات اليت يتجلى من خالهلا هذا املقصد قوله تعاىل: و ه و ال ذ ي خ ل ق الس م او ات و األ ر ض يف س ت ة أ ي ام و ك ا ن ع ر ش ه ع ل ى ال م اء ل ي ب ل و ك م أ ي ك م أ ح س ن ع م ال هود 7 و قوله: إ ن ا ج ع ل ن ا م ا ع ل ى األ ر ض ز ين ة هل ا ل ن ب ل و ه م أ ي ه م أ ح س ن ع م ال الكهف 7 و قوله أيضا: إ ن ال ذ ين آم ن وا و ع م ل وا الص احل ات إ ن ا ال ن ض يع أ ج ر م ن أ ح س ن ع م ال الكهف 0 ل ي ك ف ر الل ه ع ن ه م أ س و أ ال ذ ي ع م ل وا و جي ز ي ه م أ ج ر ه م ب أ ح س ن ال ذ ي ك ان وا ي ع م ل ون الزمر. يقول صاحب الكشاف:» قلت فإن كيف قيل: أ ي ك م أ ح س ن ع م ال وأعمال املؤمنني هي اليت تتفاوت إىل حسن وأحسن فأم ا أعمال املؤمنني والكافرين فتفاوهتا إىل حسن وقبيح قلت : الذين هم أحسن عمال هم املتقون وهم الذين استبقوا إىل حتصيل ما هو غرض اهلل من عباده فخصهم بالذكر واطرح ذكر من وراءهم تشريفا هلم وتنبيها على مكاهنم منه وليكون ذلك لطفا للسامعني وترغيبا يف حيازة فضلهم.«فصاحب الكشاف يفسر االبتالء الوارد يف اآلية بأنه غرض اهلل من عباده أي مقصد االبتالء يف اآلية هو اختبار من اهلل لعباده الذين خلقهم و جعل من أهم وظائف على هذه األرض هو عمارهتا و اخلالفة فيها لينظر إىل الكيفية اليت ستكون عليها أعماهلم و قد ربط بني التقوى و اتقان العمل و إحسانه ذلك أن تقوى اهلل تبعث يف املؤمن الرغبة يف جتويد عمله و حتسينه بقدر الطاقة حىت 0 سيد قطب املرجع السابق ج و لذلك جعل مالك بن نيب اإلحسان أوكما يسميه )ذوق اجلمال( األساس الثاين الذي تقوم عليه الثقافة ذلك أنه "إذاكان املبدأ األخالقي يقرر االجتاه العام للمجتمع بتحديد الدوافع و الغايات فإن ذوق اجلمال هو الذي يصوغ صورته...و من هذه الناحية يعترب ذوق اجلمال من أهم العناصر الديناميكية يف الثقافة ألنه حيرك اهلمم إىل ما هو أبعد من جمرد املصلحة. و هو يف الوقت نفسه حيقق شرطا من أهم شروط الفعالية حيث يضيف إىل الواقع األخالقي عند الفرد دوافع إجيابية أخرى من شأهنا أحيانا أن تعدل من بعض الدوافع السلبية اليت رمبا خيلقها املبدأ األخالقي اجلاف يف سلوك الفرد حينما يصطدم هذا السلوك الصادر عن مبدأ أخالقي جمرد مع احلساسية اإلنسانية و الذوق العام". الزخمشري املرجع السابق ج ص 80

11 اهلل يليق مبن هو مطلع عليه و خمترب عبده فيه و حيقق الغاية و املقصد من خلق اإلنسان و هو تعمري األرض و ترقية املعاش عليها من جهة و من جهة ثانية ليميز اهلل الفاضل بني املكلفني الذين يرتقون بأفعاهلم مرتقا حياكون فيها فعل الباري عز وجل الذي أحسن كل شيء خلقه و هو ما نبه إليه البيضاوي بقوله: «ل ي ب ل و ك م أ ي ك م أ ح س ن ع م ال متعلق خب ل ق أي خلق ذلك كخلق من خلق ليعاملكم معاملة املبتلي ألحوالكم كيف تعملون...و إمنا ذكر صيغة التفضيل واالختبار شامل لفرق املكلفني باعتبار احلسن والقبح للتحريض على أحاسن احملاسن والتحضيض على الرتقي دائما يف مراتب العلم و العمل». و ألجل حتقيق هذا املقصد أي الوصول باملكلفني إىل االلتزام فقد ربط الفعل احلسن الذي يقصد القرآن التوجيه إليه و نبذ القبح منه بدافع كبري هلما و هو حب اهلل تعاىل للمحسنني و للعمل احلسن هذه الرابطة الروحية من شأهنا أن تغذي باعث الفعل حىت ال يبقى منه إال اهلدف األمسى املنشود ملا فيه من رفعة الفعل قوال كان أو سلوكا أو عمال. اإلخالص يف التوجه حنو و يبدو جليا يف موضعني اثنني أحدهما يف الدعوة إىل الفعل و هو قوله تعاىل:...و أ ح س ن و ا إ ن اجل ه ر الل ه حي ب ال م ح س ن ني البقرة 9 و الثاين يف الدعوة إىل الرتك يف قوله تعاىل: ال حي ب الل ه ب الس و ء م ن ال ق و ل إ ال م ن ظ ل م و ك ان الل ه مس يع ا ع ل يم ا النساء 8 فاجتماع األمر مع حب اهلل تعاىل لألفعال احلسنة و عدم حبه للقبيح منها مث خيتم اآلية بفاصلة جليلة و هي حبه للمحسنني تنبيها على فضلهم و شرف مقامهم و منزلتهم عند اهلل عز وجل جيعلنا خنلص إىل نتيجة مقاصدية هامة و هي أن الدافع إىل الفعل احلسن و نبذ الفعل القبيح مل ا يكون هو حب اهلل للمحسنني فسوف يعمل املكلف على حتري االحسان يف كل شؤونه سواء كان األمر يف الفعل من اهلل أو مل يكن ألن غاية املكلف حينها هي الوصول إىل نيل رضا اهلل و الفوز مبحبته عز وجل مما يقتضي منه حتديد منهج يف احلياة حيقق له هذه الغاية السامية هذا املنهج الذي رسم احلق تبارك وتعاىل معامله الكربى و هي "أحسن كما أحسن إليك" و "إن اهلل حيب احملسنني" و " ال حيب اهلل اجلهر بالسوء " و ذلك يف اجتاهني رئيسيني: أحدمها يتوجه إىل العالقات العامة أسرية اجتماعية و دينية. و الثاين يوجه حنو العمل أي حركته يف األرض لتعمريها و االستخالف فيها. و لذلك مل يقتصر على ذكره يف معاملة املؤمنني لبعضهم البعض بل جعله )احلسن( قيمة إنسانية ألن حمبة اهلل ارتبطت به حتفيزا على العمل النوعي املتميز بشكل عام يف كل نشاط يقوم به اإلنسان و يف أي أرض يكون فيها و مع أي قوم كان فيهم جعل باعثه هو التودد إىل اهلل به و التقرب إىل اجلميل ناصر الدين عبد اهلل البيضاوي أنوار التنزيل و أسرار التأويل ط ت: حممدعبد الرمحان املرعشلي بريوت:دار إحياء الرتاث 8 ه ج ص 8. أنظر: أبو القاسم احلسني بن حممد تفسري الراغب األصفهاين تح: حممد عبد العزيز بسيوين ط مصر:كلية اآلداب جامعة طنطا 0 ه 999 م ج ص.

12 الذي حيب اجلمال مبثله و ال خيفى ما يف هذا املقصد من حتقيق كمال العمل البشري الذي به حيقق تعمري األرض باخلريات و تعمريها بكلمة اهلل اليت تذكر عند كل مجيل يقع عليه البصر أو يدركه العقل أو يتذوقه الوجدان. و قد علق الشيخ الشعراوي على هذه اآلية بقوله: «واحلب...بالنسبة للحق هو تودد اخلالق بالرمحة والكرامة على املخلوق واحلق سبحانه وتعاىل حيب من عباده أن يكونوا على خ لقه فكما أن اهلل أحسن كل شيء خلقه )الذي أ ح س ن ك ل ش ي ء خ ل ق ه ( يريد من عباده وقد تفضل عليهم بالعقل املفكر فيخطط وبالطاقات فتربز التفكري إىل عمل يريد احلق منا أن يكون رائدنا يف كل عمل أن حنسنه حىت نكون متخلقني بأخالق اهلل فتشيع كلمة «هللا مجيل يف أي صنعة فيقول: «هللا»». و هذا املعىن هو الذي تلخص يف قوله صلى»...«فسمى هذا املقام العايل الذي يسمو هذا اللفظ الكرمي الذي يستقبل به اإلنسان كل اهلل عليه وسلم:»اإلحسان:أن تعبد اهلل كأنك تراه إليه االنسان باالحسان و معلوم أن االحسان هو الذي يرتقي فيه االنسان من مقام العدل إىل مقام الفضل و إذا كان العدل ذاته حسنا فكيف بالفضل و لذلك تعلق به حب اهلل تعاىل. إن هذه املعاين اليت تضمنتها اآليات الدالة على احلسن يف الق ول و الس لوك و العمل و اخللق و نبذ الس يئ من ه مقص ود هب ا تربي ة للف رد و اجملتم ع عل ى م نهج حي اة تتمي ز ب ه اجلماع ة املس لمة ع ن غريه ا م ن اجلماع ات األخ رى و ه ذه الثم رة ه ي م ن ص ميم اإلمي ان و االعتق اد ال ذي يكتس به الف رد املس لم و جيعل ه منهجا له يف احلياة يف سلمه و حربه مع بين جلدت ه أو م ع ع دوه منهج ا واح دا مص دره اهلل ال ذي خل ق و شرع و الذي إليه يؤول األمر كله. ثالثا: الحسن و القبيح ع د المتكلمين )المعتزلة و األشاعرة( لقد أسالت قضية احلسن و القبح حرب كث ري من العلماء سواء يف علم الكالم أو يف علم أصول الفقه خاصة و هو ما ينبئ عن األمهية اليت أوالها هؤالء العلماء هلذه املسألة باعتبارها أصال لقضايا فرعا لكثري من املسائل األخرى و هو ما جاء منصوصا عليه يف أقوال كثري منهم كثرية و مثل قول التفتزاين:»هذه املسألة من أم هات مسائل األصول و مهمات مباحث املعقول]يقصد علم الكالم[ و املنقول«و هو ما جعل ابن تيمية حيث على ضرورة معرفة مثل هذه املسائل بقوله:» و ينبغي للعاقل أن يعرف مثل هذه املسائل اليت هي من أعظم مسائل الدين من مل يعرف ما قالوه فهو اجلاهل باحلق فيها و بأقوال حممد متويل الشعراوي اخلواطر)تفسري الشعراوي( ]دط[ ]دب[ مطابع أخبار اليوم 997 م ج ص 8. صحيح مسلم سعد الدين التفتزاين شرح التلويح على التوضيح ]دط[ مصر مكتبة صبيح ]دت[ ج ص 0.

13 «السلف و مبا دل عليه الكتاب و السنة«و هو ما يؤكد عليه تلميذه تغضض طرف بصريتك عن هذه املسألة فإن شأهنا عظيم و خطبها جسيم.«ابن القيم بقوله:...و ال إن النظر يف موضوع احلسن و القبح عند املتكلمني و نقصد هبم املعتزلة و األشاعرة بصفة خاصة من جهة املقصد الذي يتوخون الوصول إليه منها جيعلنا نتتبع الطرح الذي عرضوا من خالله هذه املسألة هل هو مقصد تربوي تزكوي كما جتلى لنا يف القرآن الكرمي أمثرته جهود املتكلمني يف حبث هذه القضية أم أن هذه الدراسة أخذت منحى آخر ميكننا أن حندد املباحث اليت أفرزهتا دراسة احلسن و القبح عند املتكلمني من خالل النصوص اآلتية: يقول سعد الدين التفتزاين:» و قد ج علت هذه املسألة من املسائل الكالمية من جهة البحث عن أفعال الباري تعاىل هل هي تت صف باحلسن و هل خبلقه و مشيئته«كما اعتربها اجلزري من مسائل أصول الدين باعتبار :» تدخل القبائح حتت إرادته و مشيئته و هل تكون الكالم يف تقرير ذلك مذكور يف أصول الدين حيث يتكلم يف أفعاله تعاىل و خلقه ألفعال العباد و تعليل فعله باألغراض و تبع ذلك حتسني العقل و تقبيحه«و أيضا من جهة كوهنا»...مبنية على مسألة اجلرب و القدر الذي زلت يف بواديها أقدام الر اسخني و ضل ت يف مباديها أفهام املتفكرين و غرقت يف حبارها عقول املتحري ين«كما كان ملسألة املدح و الثواب و الذم و العقاب دور جوهري فيها حيث كانت حمل نزاع بني املعتزلة و األشاعرة و هو قرره اإلجيي يف املعىن الثالث بقوله: «تعلق املدح و الثواب أو الذم و العقاب وهذا هو حمل النزاع فهو عندنا شرعي و عند املعتزلة عقلي«ابن تيمية جمموع الفتاوى مجع عبد الرمحان بن حممد بن قاسم ]دط[ املدينة املنورة جممع امللك فهد ه 00 م ج 7 ص. ابن القيم مفتاح دار السعادة ط السعودية دار عفان ه 99 م ج ص 98. التفتزاين امل رجع السابق ج ص 0. مشس الدين بن يوسف اجلزري معراج املنهاج شرح منهاج الوصول إىل علم األصول ط تح: شعبان حممد إمساعيل القاهرة: مطبعة احلسني اإلسالمية ه / 99 م ص. التفتزاين املرجع السابق ج ص. عضد الدين اإلجيي املواقف يف علم الكالم ]دط[ بريوت: عامل الكتب ]د م ن[ ص.

14 من خالل املواضيع اليت خلصها العلماء كما عرضتها سابقا ميكننا أن نكشف عن تلك الغاية اليت توجهت إليها أنظار بالعباد. الباحثني و قد انقسمت إىل قسمني أحدهما أوال :أما ما تعلق باهلل تعاىل فقد تناولوا بالبحث: متعلق باهلل تعاىل و الثاين متعلق أفعال اهلل من حيث تتصف باحلسن: مل خيتلف أحد من املذهبني يف أن أفعال اهلل تعاىل كلها حسنة و أن اهلل تعاىل ال يفعل قبيحا و ال خيل مبا هو واجب عليه و اختلفوا بعد ذلك يف تعليل هذا الرأي فاملعتزلة استدلوا على ذلك بأنه لو فعل القبيح لكان جيب أن يكون جاهال و حمتاجا و اجلهل و احلاجة ال جتوز عليه تعاىل و ملا كان اهلل تعاىل فاعال للحسن و عاملا به فإنه إما أن يفعله الحتياجه إليه و ذلك مستحيل عليه أو يفعله حلسنه أو كونه إحسانا. وقد وافقهم األشاعرة يف كون أفعاله كلها حسنة و لكن دليلهم على ذلك الشرع ال العقل فقد ورد الشرع بالثناء عليه يف أفعاله فكانت حسنة لكوهنا متعلق املدح و الثناء من اهلل تعاىل. و التساؤل الثاين الذي تفرع عن القول باحلسن و القبح و الذي ورد عليه االختالف هو هل تدخل القبائح حتت إرادة اهلل و مشيئته أو ال فذهب املعتزلة بناء على قوهلم أن أفعال اهلل كلها حسنة أنه ال جيوز أن يكون اهلل مريدا للقبائح و املعاصي فإن اإلرادة فعل من االفعال و مىت تعلقت بالقبيح فتجب ال حمالة و كونه تعاىل عدال يقتضي أن تنفى عنه هذه اإلرادة. و كذلك دليلهم عليه أن اهلل تعاىل عامل بقبح القبيح و مستغن عنه عامل باستغنائه عنه و من كان هذه حاله ال خيتار القبيح بوجه من الوجوه. أما االشاعرة فقالوا أن الباري ال يفعل القبيح و لكون ذلك بالشرع و ال يتصور يف فعله. ال يرتك واجبا ألنه ال قبح منه و ال واجب عليه و تبعا لذلك نفى املعتزلة أن يكون خالقا للقبائح أو مريدا هلا يقول القاضي عبد اجلبار:»إن نفي القبيح عن اهلل تعاىل فعال إمنا يصح بعد أن يكون قادرا عليه» أي أنه غري خالق للقبائح و إن كان قادرا عليها و «أنه تعاىل ال يريد القبائح و ال يشاؤها بل يكرهها و يسخطها«]و استدلوا ] على ذلك بالنهي عن القبيح و الزجر عنه و التوعد عليه بالعقاب االليم و األمر خبالفه و الوعد عليه بالثواب أنظر: القاضي عبد اجلبار امل رجع السابق ص أنظر التفتزاين شرح املقاصد ج ص 9. القاضي عبد اجلبار امل رجع السابق ص. القاضي عبد اجلبار املرجع نفسه ص 0. التفتزاين شرح املقاصد ج ص 9. القاضي عبد اجلبار اجملموع يف احمليط بالتكليف مجع أيب احلسن بن أمحد النجراين ]دط[ بريوت املطبعة الكاثوليكية ]دت[. ج ص

15 العظيم. وهم يف قوهلم هذا متوافقون مع مذهبهم الذي ينسب أفعال العباد إليهم اجيادا هلا من جهتهم و من مث فهم يستحقون عليها املدح و الذم و الثواب و العقاب. وكذلك وافق األشاعرة مذهبهم بأن اهلل خالق كل شيء و ال خالق سواه و بالتايل فالقبائح و املعاصي ال خالق هلا غريه و هو ما نص عليه التفتزاين بقوله:» ال قبيح من اهلل تعاىل و إن كان هو خالق للكل و ال واجب عليه و إن حسن أفعاله حبكم الشرع.«ف : «الكفر و الظلم و املعاصي كلها قبائح و قد خلقها اهلل تعاىل...إال أن خلق القبيح ليس بقبيح فهو موجد القبائح ال فاعل هلا.» و املسألة األخرى اليت كانت حمل خالف و جدل كبري بينهما فيما تعلق بأفعال اهلل و هي: هل أفعاله تعاىل متعلقة باألغراض و احلكم أم ال لقد كان إثبات الكمال هلل تعاىل و تنزيهه عن كل نقص هو األساس الذي أثبت ألجله املعتزلة هلل الغرض و احلكمة يف أفعاله عز وجل ألن الفعل الذي تنتفي فيه احلكمة و الغرض يعد سفها و عبثا و اهلل تعاىل منزه عن العبث. نقل عنهم الشهرستاين قوهلم:» قد قام الدليل على أن الرب تعاىل حكيم واحلكيم من تكون أفعاله على إحكام و جزافا فإن وقع خريا فخري وإن وقع شرا و يزيد القاضي عبد اجلبار املقالة توضيحا بقوله:» اتقان فال يفعل فعال فشر بل ال بد وأن ينحو غرضا ويقصد صالحا ويريد خريا«إن اهلل ابتدأ اخللق لعلة نريد بذلك وجه احلكمة الذي له حسن منه اخللق فيبطل على هذا الوجه قول من قال: إنه تعاىل خلق اخللق ال لعلة ملا فيه من إيهام أنه خلقهم عبثا ال لوجه تقتضيه احلكمة. و ذلك أي نقص من يفعل ال لغرض ظاهر يف الشاهد ألن الواحد إذا أراد النيل من غريه قال عنه: إنه يفعل األفعال ال لعلة و ال ملعىن. فيقوم هذا القول مقام أن يقال إنه يعبث يف أفعاله و إذا به يف املدح يقول: إن فالنا يفعل أفعاله لعلة صحيحة و ملعىن حسن.«و خالفهم األشاعرة الذين نفوا أن تكون أفعال اهلل تعاىل معللة أو حمكومة بالغرض ألنه»لو كان فعله تعاىل لغرض لكان ناقصا لذاته مكتمال بتحصيل ذلك الغرض ألنه ال يصلح غرض للفاعل إال ما هو أصلح له من عدمه و هو معىن الكمال.«كما أن األغراض و اخلواطر إمنا جتوز على ذي احلاجة و الذي جيلب هبا منافع و يدفع أضرارا و ذلك ال جيوز يف حق اهلل تعاىل. و قد عمل كل فريق على التفتزاين شرح املقاصد ج ص 9. التفتزاين املرجع نفسه ج ص 9. حممد بن عبد الكرمي الشهرستاين هناية اإلقدام يف علم الكالم ط تح: أمحد فريداملزيدي بريوت دار الكتب العلمية ه ص. القاضي عبد اجلبار املغين يف أبواب العدل و التوحيد ]دط[ الدار املصرية للنشر ج ض 99. اإلجيي امل رجع السابق ص. أنظر حممد بن الطيب الباقالين كتاب التمهيد تصحيح ريتشر يوسف مكارثي بريوت املكتبة الشرقية ص

16 نقض أدلة الفريق اآلخر و االستدالل على رأيه بالرباهني العقلية و املنطقية و السمعية مما أثرى املوضوع ثراء معرفيا أمثر مسائل جديدة تفرعت عنه. ثانيا: من أما ما تعلق بأفعال العباد: املسألة األخرى املهمة اليت تفرعت عن دراسة احلسن و القبح عند املتكلمني و شكلت بينهم جدال معرفيا و عقديا كبريا هي أفعال العباد هل هي خملوقة هلل تعاىل و بالتايل فهم جمربون عليها و هذا يؤدي إىل التساؤل على أي أساس يكون املدح و الذم و كذلك هل للعقل أن حيكم حبسن األفعال و قبحها أم أن ذلك متوقف على الشرع فقط جهة أفعال العباد هل هي خملوقة هلل تعاىل أم العباد غري خملوقة فيهم و أهنم هم احملدثون هلا. و استدلوا على ما ذهبوا إليه ب احملسن و املسيء و بني حسن و ال جتوز هذه هي حمدثة بأمرهم فاملعتزلة يرون أن أفعال قوهلم:» أن نفصل بني الوجه و قبيحه فنحمد احملسن على إحسانه و نذم املسيء على إساءته الطريقة يف حسن الوجه و قبحه و ال يف طول القامة و قصرها حىت ال حيسن منا أن نقول للطويل ملا طالت قامتك و ال للقصري ملا قصرت كما حيسن أن نقول للظامل ملا ظلمت و للكاذب ملا كذبت فلوال أن أحدمها متعلق بنا و موجود من جهتنا خبالف اآلخر و إال ملا وجب هذا الفصل و لكان احلال يف طول القامة و قصرهاكاحلال يف الظلم و الكذب و قد عرف فساده«و بطبيعة احلال األشاعرة الذين يقولون بأن ال خالق إال اهلل يرون أن أفعال العباد غري خملوقة هلم فقد»اتفق سلف األمة قبل ظه ور البدع و األهواء و اضطراب اآلراء على أن اخلالق املبدع رب العاملني و ال خالق سواه و ال خمرتع إال هو..فاحلوادث كلها حدثت بقدرة اهلل تعاىل و ال فرق بني ما تعلقت قدرة العباد به و بني ما تفرد الرب باالقتدار عليه و خيرج من مضمون هذا األصل أن كل مقدور لقادر فاهلل تعاىل قادر عليه و هو خمرتعه و منشؤه«و أما ما يتعلق حبسن الفعل و قبحه من جهة اجلرب و االختيار يقول صاحب كتاب التلويح: «اجلرب إفراط يف تفويض األمور إىل اهلل تعاىل حبيث يصري العبد مبنزلة مجاد ال إرادة له و ال اختيار و القدر تفريط يف ذلك حبيث يصري العبد خالقا ألفعاله مستقال يف إجياد الشرور و القبائح و كالمها باطل و احلق أي الثابت يف نفس األمر و إحلاق أي الوسط بني اإلفراط و التفريط على ما أشار إليه بعض احملققني حيث قال: ال جرب و ال تفويض و لكن امر بني أمرين...«أنظر ص 8 منهذا البحث. القاضي عبد الجبار شرح األصول الخمسة ط تح: عبد الكريم عثمان مكتبة وهبة ه 99 م ص. القاضي عبد الجبار المرجع نفسه الجويني المرجع السابق ص 87. التفتزاني التلويح ج ص.أنظر أيضا القاضي عبد الجبار المصدر السابق ص

17 و أما من حيث حتسني العقل و تقبيحه هلذه االفعال فقد كانت هذه األخرية من أهم املسائل من جهة تعلقها بأفعال املكلفني و كان حمل النزاع بني املدح و الذم أهو بالعقل أم بالشرع يعود أصل هذه القضية و النزاع فيها بينهما إىل حقيقة الفعل صفة جنسه أم ليس له ذلك أما المعتزلة املعتزلة و االشاعرة كامن يف الثواب و العقاب و هل له صفة زائدة على حدوثه و و ميثلهم القاضي عبد اجلبار فإنه حيدد أن األفعال قسمان: قسم له صفة زائدة على حدوثه و صفة جنسه و هو ما يدخل حتت حكم املدح أو الذم إذ فاعله عامل به خمتار له و القسم اآلخر ما ليس له صفة زائدة على حدوثه وصفة جنسه كاحلركة اليسرية و ذلك إمنا يقع من الساهي فهو ما كان فاعله غري قاصد له و ال خمتار له فكان بذلك ال مدح عليه و ال ذم.. بينما ذهب االشاعرة عكس هذا الرأي فالفعل عندهم ليست فيه صفات ذاتية يف نفسه أو جنسه جتعله حسنا أو العكس جتعله قبيحا. و بناء عليه خيلص كل منهما إىل تعريف يوافق مذهبه: فالح ب سن ع د المعتزلة:»هو فعل العامل مبا يفعل املمي ز بينه و بني غريه الذي ليس له ملجأ و له فعله و هو ما كان لفاعله أن يفعله و ال يستحق عليه ذما«و القبيح:»هو ما إذا فعله القادر عليه استحق الذم على بعض الوجوه«أو كما يعرفه أبو احلسني البصري و هو املعتزيل الثاين الذي اشتهر مع القاضي يف هذه املسألة:» احل سن ف ه و م ا للقادر ع ل ي ه املتمكن من ال علم حب اله أ ن ي ف ع له و أ ي ض ا م ا مل يكن على صفة ي ؤثر يف اس ت ح ق اق ف اعله الذ م. و أما القبيح فهو: أ ن يكون مم ا ل ي س للقادر ع ل ي ه املتمكن من ال علم ب ه أ ن ي ف ع له و إ ذا فعله ك ان فعله ل ه مؤثرا يف اس ت ح ق اق الذ م ف يكون قبيحا«أما عند نظرائهم األشاعرة»فاحلسن ما ورد الشرع بالثناء على فاعله و القبيح ما ورد الشرع بذم فاعله«. «و هذا مبين على أمرين..أحدمها: أن حسن الفعل و قبحه ليسا لذات الفعل و ال لشيء من صفاته حىت حيكم العقل بأنه حسن أو قبيح بناء على حت ق ق ما به احلسن أو القبح و ثانيهما: أن القاضي عبد الجبار شرح األصول الخمسة ص. القاضي عبد اجلبار امل رجع السابق ص. القاضي عبد اجلبار املصدر نفسه ص. و»و قوله بعض الوجوه احرتازا من الصغرية فإهنا قبيحة و مع ذلك فإنه ال يستحق الذم 7 عليها«.. حممد بن علي الطي ب أبو احلسني البصري ) ه ( املعتمد يف أصول الفقه ط تح: بريوت: دار الكتب العلمية 0 ه اجلويين امل رجع السابق ص 8.

18 فعل العبد اضطراري ال اختيار له فيه و العقل ال حيكم باستحقاق يف الثواب أو العقاب على ما ال اختيار للفاعل فيه«إذا فبينما ينفي األشاعرة أن يكون للفعل صفة زائدة على حدوثه و صفة جسنه فينفون بذلك أن يكون للعقل أي دور يف التحسني و التقبيح و يرجعون األمر إىل الشرع إثباتا و بيانا وبناء عليه فلو عكس القضية فحسن ما قبحه و قبح ما حسنه مل يكن ممتنعا و انقلب األمر.فإننا جند املعتزلة الذين يثبتون للفعل صفة زائدة على حدوثه و صفة جنسه يضعون شروط الفعل املوصوف بالقبح من جهة فاعله حيث و ص ف الفعل بالقبح يقتضي أن يكون الفاعل له قادرا عليه غري عاجز و ال ملجأ و متمكنا من العلم باملفسدة اليت تدعو إىل ترك فعله فيخرجون فعل اجملنون و الصيب و البهيمة الذين ال يقع الذم عليهم بفعل القبيح لعدم العلم به و كذلك قوهلم ليس للمتمكن منه أن يفعله أي أنه يدرك سن يقتضي أن يكون فاعله قادرا عليه بالعقل قبحه أو صفاته اليت يستحق التقبيح باعتبارها. كما أن احل عاملا باملصلحة املتضمنة فيه. فالقدرة على الفعل أو الرتك و كذا العلم بوجود املصلحة أو املفسدة شرطان أساسيان عندهم للحكم على الفعل باحلسن أو بالقبح من جهة الفاعل. و أما من جهة الفعل فقد بينوا أنه حيكم عليه بالقبح مىت كان على صفة تؤثر يف استحقاق فاعله الذم كوصفه بأنه معصية و أنه حمظور و احلظر يفيد املنع و أنه حمرم و أنه ذنب و أنه مكروه و أنه مزجور عنه و باملقابل فشرط احلسن أن تنتفي عنه الصفات اليت تؤثر يف استحقاق فاعله الذم. و نالحظ أن هذه األوصاف مجيعا ف ع ل ها يدرك قبحه عقال عند املعتزلة و فاعله يستحق عليه الذم. أما عند األشاعرة فالعقل و إن كان له أن يدرك صفة الكمال أو صفة النقص يف الفعل كما أنه يدرك ما يف األفعال من املصاحل أو املفاسد ملالءمة الطبع أو منافرته إال أنه ليس له أن ميدح على الفعل أو يذم على الرتك ما مل يرد أمر أو هني من السمع و من مث فليس له أن ميدح أو يذم قبل ورود السمع بذلك. و الفعل سواء كان واجبا أو حمظورا ليس يقتضي الوصف بذلك وجود صفة به مميزة للوجوب أو أخرى ممي زة للحظر إمنا نفس األمر أو النهي عنه هو املقصود بالتحسني و التقبيح. 8 التفتزاين التلويح ج ص. اإلجيي امل رجع السابق ص. الحسين البصري المرجع السابق ج ص. أنظر:القاضي عبد الجبار شرح األصول الخمسة ص / شمس الدين بن يوسف الجزري معراج المنهاج شرح منهاج الوصول إلى علم األصول ط تح: شعبان محمد إسماعيل القاهرة: مطبعة الحسين اإلسالمية ه/ 99 م ص 87. أنظر:الحسين البصري المرجع السابق ص 7.

19 و قد رد املعتزلة مقالتهم باألدلة العقلية املختلفة و كذلك فعل خصومهم بإبطال ما ذهبوا إليه و يظهر أن كل فريق أصاب جزء من احلقيقة و الصواب إذ ال ميكن نفي حتسني العقل و تقبيحه لألفعال كما أثبت ذلك املعتزلة بينما احلكم عليها بالثواب و العقاب العاجل و اآلجل ليس من مهام العقل بل الشرع وحده له احلكم بذلك باعتبار أن اهلل عز وجل أمر بأوامر و هنى عن نواه حلكمة يعلمها هو و إن غاب عن العقل كثري منها و خاصة ما تعلق منها باجلزاء و العقاب األخروي فهذا مما ال مبفرده بعيدا عن الشرع أن حيكم به. يقدر العقل و هذا الرأي هو ما ذهب إليه ابن القيم يف قوله:»فإذا كان الفعل مستلزما للكمال و النقصان و استلزامه له عقلي و الكمال و النقصان يستلزم احلب و البغض الذي مسيتموه مالءمة و منافرة و استلزامه عقلي فبيان كون الفعل حسنا كامال حمبوبا مرضيا و كونه قبيحا ناقصا مسخوطا مبغوظا أمر عقلي بقي حديث املدح و الذم و الثواب و العقاب...فأما املدح و الذم فرتتبه على النقصان و الكمال عقلي كرتتب املسببات على أسباهبا فمدح العقالء ل م ؤثر الكمال و املتصف به و ذم هم ل م ؤثر النقص و املتصف به أمر عقلي فطري و إنكاره يزاحم املكابرة. و أما العقاب فقد قر ر نا أن ترت به على فعل القبيح مشروط بالسمع و أن ه إمنا انتفى عند انتفاء السمع املشروط النتفاء شرطه ال انتفاءه النتفاء سببه فإن سببه قائم و مقتضيه موجود إال أنه مل يتم لتوقفه على شرطه«إن مقصد دراسة احلسن و القبح عند املتكلمني كان معرفيا درسا ابستيمولوجيا من حيث اهتمامهم ببيان أصل األفعال و طبيعتها و حقيقة احلكم عليها باحلسن و القبح و ما تفرع عنها من مسائل فرعية مثل هل جيب على اهلل تعاىل الصالح و األصلح هل جيب اللطف على اهلل تعاىل عقال أو ال هل جيب على اهلل العوض على اآلالم هل جيب على اهلل تعاىل الثواب على الطاعة هل جيب على اهلل تعاىل عقاب مرتكب الكبرية إن مل يتب منها سواء تعلقت بأفعال اهلل تعاىل أم تعلقت بأفعال العباد من حيث التكليف هبا هل تتصف بصفات ذاتية تقتضي إدراك العقل احلسن منها و القبيح و بالتايل كون األول جيعل صاحبه يف حالة تعظيم يستحق فاعله عليه املدح و الثواب بينما الثاين جيعل صاحبه يف حالة اتضاع يستحق فاعله عليه الذم و العقاب وهذه بدورها قد تفرع عنها مسائل فرعية مثل هل معرفة اهلل تعاىل واجبة بالشرع أو بالعقل هل جيب شكر املنعم عقال أو شرعا هل جيب على اهلل قبول التوبة من التائب ابن القيم الجوزية ءالمرجع السابق ج ص. أنظر: عايض بن عبد هللا الشهراني التحسين و التقبيح العقليان و أثرهما في مسائل أصول الفقه ط السعودية دار كنوز إشبيليا 9 ه 008 ص 80. 9

20 هل جيب على اهلل إرسال الرسل عقال هل تثبت رؤية اهلل يوم القيامة هل يثبت عذاب القرب و سؤال امللكني إن هذا الدرس املعريف الذي انتهجه املتكلمون يف مسألة احلسن و القبح رغم أنه كان استثمارا علميا دقيقا لآليات اليت تناولت املوضوع يف القرآن الكرمي حيث أصبحت هذه املسألة موضوعا معرفيا قائما بذاته يف الدرس العقدي الذي توقف و الستثمار ذلك البعد املعريف يف الرتكيز على البعد املتكلمون الرتبوي و فيه عند البحث العلمي املعريف دون تعديتهم االجتماعي رغم أنه خدم اجلانب املعريف و أكسب البحث الكالمي و العقدي و كذلك األصويل ثراء علميا ومعرفيا إال أنه باملقابل جىن على البعد العملي الذي هو املقصد األساس من البحث الكالمي و العقدي الذي بينه العلماء عند تعريفهم مبقاصد علم العقائد أو علم الكالم كقول التفتزاين مثال: «و غايته حتلية اإلميان بااليقان و منفعته الفوز بنظام املعاش و جناة املعاد...و غاية الكالم أن يصري اإلميان و التصديق باألحكام الشرعية متيقنا حمكما ال تزلزله شبه املبطلني و منفعته يف الدنيا انتظام أمر املعاش باحملافظة على العدل و املعاملة اليت حيتاج إليها يف بقاء النوع على وجه ال يؤدي إىل الفساد و يف اآلخرة النجاة من العذاب املرتتب على الكفر و سوء االعتقاد«إذ جند هذا الطرح بقي موقوفا على فئة العلماء و جمادالهتم و دفاعاهتم عن العقيدة و اإلميان ضد املطاعن و الشبه اليت اجتاحتها دون أن يكون للجانب اآلخر الذي يركز على تقوية إميان املؤمنني و تفعيله نفس األمهية و هو ما حذا بابن خلدون و أمثاله للحكم بعدم احلاجة إىل علم الكالم العهد يف هذا :»..و على اجلملة فينبغي أن يعلم أن هذا العلم الذي هو علم الكالم غري ضروري هلذا العهد على طالب العلم إذ امللحدة و املبتدعة قد انقرضوا و األئمة من أهل السنة كفونا شأهنم فيما كتبوا و دونوا و األدلة العقلية إمنا احتاجوا إليها حني دافعوا و نصروا و أما اآلن فلم يبق منها إال كالم تنزه الباري غالبيته إكساهبا عنكثري إيهاماته و إطالقه...«إىل و لذا جند نوع من املفارقة بني مقصد احلسن و القبح يف القرآن الكرمي الذي كان يتوجه يف أفعال اإلنسان لريسم هلا مسار الفاعلية اإلجيابية اليت تبدأ بإميان الفرد بأمهية حتسينها و الذوق اجلميل الذي يرتجم عن إرادة اهلل عز وجل يف بناء عالقات إنسانية راقية تتناسب و الغاية و احلكمة اليت أوجد اهلل البشر ألجلها و اليت ال ميكن هلا التحقق بشكلها الصحيح و اإلنساين إال يف ظل ذلك التعارف و التعايش و التشابك بني األفراد يف اجملتمع الواحد و بني اجملتمعات املختلفة. هذه الغاية اليت يصعب استخالصها من طرح مسألة التحسني االهتمام فيها بأفعال اهلل بدال من و التقبيح عند املتكلمني ل رتكز أفعال اإلنسان ما جيب عليه و ما ال جيب و ما حيسن منه و ما سعد الدين التفتزاني مقاصد العقائد ط تح: عبد الرحمان عميرة بيروت: عالم الكتب عبد الرحمان ابن خلدون المقدمة ص 00. )نسخة إلكترونية( 0 9 ه 998 م ج ص.7

21 يقبح... هذه األخرية و إن تناوهلا البحث إال أنه تركز فيها هل يكون التحسني و التقبيح بالعقل أو بالنقل و هذا جمال معريف التقبيح و ليس أفعال اهلل تعاىل توجيهي و تربوي فهو فضل حول جدلية العالقة بني العقل و النقل يأ علمي تأصيلي ملسألة التحسني و لذلك اإلنسان كيف يفعل احلسن و يتجنب القبيح أما فيم خيص عن أنه جتديف يف جمال ال ميكن للعقل أن يذهب فيه بعيدا فقد إنزلق به منزلقا خطريا إذ أصبح يوجب على اهلل ما مل يوجبه على نفسه و حيكم بقبح أفعاله لو أخل مبا جيب عليه... فإنه حييد مبقصد البحث العقدي عن مساره و مقصده يف تعزيز اإلميان و تفعيله ليخرجه من اإلطار النظري إىل الواقع العملي حيث يغرس القيم و يضبط السلوك و يدفع الفعل إىل اإلجيابية اخلالقة اليت حتقق اخلالفة املنشودة اليت قال عنها احلق تبارك و تعاىل: ي ا أ ي ه ا الن اس إ ن ا خ ل ق ن اك م م ن ذ ك ر و أ نث ى ائ ل ل ت ع ار ف وا إ ن أ ك ر م ك م ع ن د الل ه أ ت ق اك م إ ن الل ه ع ل يم خ ب ري احلجرات و إ ذ و ج ع ل ن اك م ش ع وب ا و ق ب ف يه ا م ن ي ف س د ف يه ا و ي س ف ك الد م اء و حن ن ض خ ل يف ة ق ال وا أ جت ع ل ق ال ر ب ك ل ل م ال ئ ك ة إ ين ج اع ل يف األ ر ض ه و أ نش أ ك م م ن األ ر أ ع ل م م ا ال ت ع ل م و ن البقرة 0.. ق د س ل ك ق ا ل إ ين ن س ب ح حب م د ك و ن و اس ت ع م ر ك م ف يه ا.. هود.و هذا ال يتحقق إال يف جمتمع قائم على عالقات سوية تنسج تناسقه و جتعل له األهلية الكافية لإلجناز و الفعالية. قائمة املصادر و املراجع إبراهيم مصطفى و آخرون املعجم الوسيط ]دب[ دار الدعوة ]دت[. أبو بكر بن العريب عارضة األحوذي شرح صحيح الرتمذي ]دط[ بريوت: دار الكتب العلمية. أمحد الريسوين نظرية املقاصد عند اإلمام الشاطيب ط األردن املعهد العاملي للفكر اإلسالمي ه 99 م. تقي الدين أمحد ابن تيمية جمموع الفتاوى مجع عبد الرمحان بن حممد بن قاسم ]دط[ املدينة املنورة جممع امللك فهد ه 00 م. عبد اجلبار بن أمحد )القاضي( شرح األصول اخلمسة ط تح: عبد الكرمي عثمان مكتبة وهبة ه 99 م. // اجملموع يف احمليط بالتكليف مجع:أيب احلسن بن أمحد النجراين ]دط[ بريوت املطبعة الكاثوليكية ]دت[. // املغين يف أبواب العدل و التوحيد ]دط[ الدار املصرية للنشر]دب[. أبو حامد الغزايل االقتصاد يف االعتقاد ط تح:إنصاف رمضان بريوت:دار قتيبة ه 00 م. // املستصفى يف علم أصول الفقه تح:محزة بن زهري حافظ املدينة املنورة شركة املدينة املنورة ]دت[.

22 عبد احلميد ابن باديس جمالس التذكري ط مجع: حممد الصاحل رمضان و توفيق حممد شاهني تعليق: أمحد مشس الدين بريوت: دار الكتب العلمية ه 00 عبد الرمحن ابن خلدون املقدمة )نسخة إلكرتونية(. م. سعد بن أمحد اليويب مقاصد الشريعة اإلسالمية و صلتها باألدلة الشرعية ط السعودية دار اهلجرة 8 ه 998 م. سعد الدين التفتزاين شرح التلويح على التوضيح ]دط[ مصر مكتبة صبيح ]دت[. // مقاصد العقائد ط تح: عبد الرمحان عمرية بريوت: عامل الكتب سيد قطب يف ظالل القرآن ط 7 بريوت/القاهرة دار الشروق ه. 9 ه 998 م. مشس الدين بن يوسف اجلزري معراج املنهاج شرح منهاج الوصول إىل علم األصول ط تح: شعبان حممد إمساعيل القاهرة: مطبعة احلسني اإلسالمية ه 99 م. طه عبد الرمحن سؤال األخالق ط املغرب املركز الثقايف العريب 000. عايض بن عبد اهلل الشهراين التحسني و التقبيح العقليان دار كنوز إشبيليا 9 ه 008 م. و أثرمها يف مسائل أصول عضد الدين اإلجيي املواقف يف علم الكالم ]دط[ بريوت: عامل الكتب ]د م ن[. عالل الفاسي مقاصد الشريعة و مكارمها ط [ دب[ دار الغرب اإلسالمي 99 م. علي 98 م. فخر ]دت[. اجلرجاين كتاب الدين الرازي احملصول الفقه ط السعودية التعريفات ط تح:مجاعة من العلماء بريوت دار الكتب العلمية 0 ه يف علم األصول ]دط[ تح:طه جابر العلواين ]دب[ مؤسسة الرسالة // مفاتيح الغيب أو التفسري الكبري ط بريوت دار إحياء الرتاث العريب 0 ه. أبو القاسم احلسني بن حممد تفسري الراغب األصفهاين تح:حممد عبد العزيز بسيوين ط مصر:كلية اآلداب جامعة طنطا 0 ه 999 م. ابن القيم اجلوزية مفتاح دار السعادة ط السعودية دار عفان ه 99 م. النجاة ]دب[ ه. حممد الطاهر ابن عاشور التحرير و التنوير ]دط[ تونس الدار التونسية للنشر 98 م. // مقاصد الشريعة ]دط[ تونس" الشركة التونسية للتوزيع.978 حممد بن الطيب الباقالين التقريب و اإلرشاد الصغري ط تح: عبد احلميد بن علي أبو زنيد ]دب[ مؤسسة الرسالة حممد بن إمساعيل البخاري اجلامع الصحيح ط حتقيق: حممد زهري بن ناصر الناصر دار طوق 8 ه 998 م.

23 // كتاب التمهيد تصحيح ريتشر يوسف مكارثي بريوت املكتبة الشرقية 97. حممد علي التهانوي كشاف اصطالحات الفنون ط تح:علي دحدوح لبنان:مكتبة لبنان ناشرون.99 حممد بن علي الطي ب أبو احلسني البصري ) ه ( املعتمد يف أصول الفقه ط تح: بريوت: دار الكتب العلمية 0 ه. حممد بن عبد الكرمي الشهرستاين هناية اإلقدام يف علم الكالم ط تح: أمحد فريد املزيدي بريوت دار الكتب العلمية ه. حممد متويل الشعراوي اخلواطر)تفسري الشعراوي( ]دط[ ]دب[ مطابع أخبار اليوم 997 م. حممد بن يعقوب الفريوزآبادي القاموس احمليط تح:مكتب حتقيق الرتاث يف مؤسسة الرسالة بريوت: مؤسسة الرسالة ]دت[. حممود بن عمرو الزخمشري الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل ط بريوت:دار الكتاب العريب 07 ه. مسلم بن احلجاج القشريي املسند الصحيح املختصر حتقيق: حممد فؤاد عبد الباقي بريوت دار إحياء الرتاث العريب. أبو املعايل اجلويين كتاب اإلرشاد إىل قواطع األدلة و أصول االعتقاد تح: حممد يوسف موسى و علي عبد املنعم عبد احلميد مصر: مكتبة اخلاجني 9 ه 90 م. ناصر الدين عبد اهلل البيضاوي أنوار التنزيل وأسرار التأويل ط ت: حممد عبد الرمحان املرعشلي بريوت:دار إحياء الرتاث 8 ه.